حر شديد في تونس والجزائر وصقلية وسط انقطاع للكهرباء وحرائق غابات
حر شديد في تونس والجزائر وصقلية وسط انقطاع للكهرباء وحرائق غابات
يعاني العديد من الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط حرارة شديدة، أسفرت في بعض البلدان عن اندلاع حرائق كبيرة، ما أدى لحدوث خسائر فادحة لدى العديد من الدول.
ففي تونس، قاربت الحرارة، الاثنين، 50 درجة مئوية حتى في شمال البلاد، بزيادة تراوح بين ستّ وعشر درجات عن المعدل الموسمي، ما سبب انقطاعا للكهرباء دفع الناس نحو الشواطئ، وفق وكالة فرانس برس.
والسلطات في حال تأهب في الجزائر المجاورة أيضا، حيث بلغت الحرارة 48 درجة محليا في خمس ولايات شرقية هي جيجل وسكيكدة وعنابة والطارف وقالمة التي صدر بشأنها تنبيه من المستوى الثاني البرتقالي.
واندلعت في البلدين حرائق عنيفة وسط ارتفاع درجة حرارة الغطاء النباتي المحروم من الماء منذ أسابيع.
في الجزائر، خلفت حرائق في الشمال والشرق 15 قتيلا و26 جريحًا ليل الأحد الاثنين، كما تم إجلاء 1500 شخص.
وتجدد حريق في بلدة ملولة بشمال غرب تونس على الحدود مع الجزائر بسبب هبوب رياح قوية ودرجات حرارة شديدة.
وتم إجلاء ما لا يقل عن 300 شخص عن طريق البحر والبر من ملولة التي شهدت حريقا خطيرا استمر أياما الأسبوع الماضي.
حرارة شديدة في تونس
وارتفعت الحرارة، الاثنين، بوسط العاصمة تونس إلى 49 درجة مئوية في الظل.
وأظهرت شاشة في شارع الحبيب بورقيبة المركزي في العاصمة، 56 درجة في الشمس عند منتصف النهار، فيما خلت الشوارع بشكل شبه تام من المارة.
من بين المارة القليلين عايدة الشريف (56 عاما) التي قالت: "لدي موعد مع الطبيب، لذلك كان علي أن أخرج لكن مع زجاجة من الماء".
وأضافت: "عادة ما أقوم بالتسوق في الصباح الباكر.. ثم أبقى في المنزل".
آخرون مثل إلياس النفطي (18 سنة) شدوا الرحال إلى الشاطئ.
وقال الشاب: "سنجلس تحت مظلة ونعود في نهاية فترة ما بعد الظهر عندما تنخفض درجات الحرارة، الجو حار في المدينة القديمة، سننتعش قليلاً ونستلقي ونقضي وقتًا ممتعًا".
تسببت درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير معتاد في يوليو في انقطاع التيار الكهربائي في الأيام الأخيرة.
وأوضحت الشركة التونسية للكهرباء والغاز العامة أنه للحفاظ على الشبكة تطرح أحمالا لمدة نصف ساعة إلى ساعة، خصوصا في أوقات ذروة الاستهلاك.
في 10 يوليو، تم تسجيل مستوى قياسي في استهلاك الكهرباء بلغ 4692 ميغاواط، نتيجة الاستخدام المكثف لمكيفات الهواء.
ودفع ذلك تونسيين من أحياء شعبية، كثيرا ما تفتقر منازلهم للمكيفات، للنوم مساء في خيام على شواطئ قرطاج أو المرسى في الضاحية الشمالية للعاصمة.
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تذمر الكثير من التونسيين من القيظ، الاثنين، وشبهوا تونس بـ"كانون" تدفئة، ونشر آخرون أدعية من أجل انتهاء موجة الحر المستمرة منذ أكثر من أسبوعين.
موجة حارة غير مسبوقة بالجزائر
في الجزائر، قالت شركة الطاقة العامة الجزائرية سونلغاز في بيان إنه في ظل "الموجة الحرارية غير المسبوقة"، سجلت، الأحد، ذروة جديدة للطلب بلغت 18.697 ميغاواط.
في الأثناء، ارتفعت أثمان مكيفات الهواء متجاوزة 500 يورو في مقابل 300 سابقا، كما صارت سلعة شحيحة في السوق.
في المقابل، يسجل المغرب وليبيا درجات حرارة أكثر تماشيا مع المستويات الموسمية المعتادة.
انقطاع الكهرباء في صقلية
حرمت موجة الحر مئات الآلاف من سكان كاتانيا في جزيرة صقلية من الكهرباء والمياه، بحسب عمدة المدينة حيث تم تنظيم اجتماع أزمة، الاثنين.
وبلغت الحرارة 47,6 درجة مئوية، الاثنين، بحسب خدمات الحماية المدنية في كاتانيا الواقعة في شرق الجزيرة.
وأكد متحدث باسم البلدية أن نحو 500 ألف شخص حُرموا من الكهرباء تباعاً منذ الخميس.
ونقلت وكالات أنباء عن وزير الحماية المدنية نيلو موسوميسي قوله: "إننا ندفع من ناحية ثمن تغير المناخ الذي كان ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام له منذ سنوات عدة، وكذلك ثمن بنية تحتية تبدو غير مناسبة في السياق الجديد".
حرارة ورطوبة
وأوضحت شركة "إي- ديستريبوزيوني" E-Distribuzione التابعة لشركة الطاقة الإيطالية العملاقة "إينيل" Enel والتي تتولى توزيع الكهرباء في كاتانيا، أن "حرارة الأسفلت حارقة وتقترب منذ أسابيع من 50 درجة مئوية، كما أنّ الرطوبة الشديدة لا تسمح بتبديد الحرارة بشكل صحيح، ما يتسبّب بتلف الكابلات تحت الأرض".
وقال رئيس بلدية كاتانيا إنه "طلب من إي- ديستريبوزيوني الإسراع بالتدخل قدر الإمكان لتأمين عودة الكهرباء"، وأعلنت الشركة حشد مئات الفنيين.
وقال مدير شبكة مياه "سيدرا"، إن انقطاع التيار الكهربائي أدى إلى انقطاع المياه عن 200 إلى 300 ألف شخص، مضيفا أنه تم حل المشكلات صباح الاثنين.
ووفرت السلطات المحلية مساحات مُكيَّفة للمسنين والمشردين وغيرهم من المحتاجين، وطالبت الناس باستخدام مكيفات الهواء باعتدال حتى لا تتفاقم المشكلات.
التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
تحذير أممي
وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".
ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.
ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.